اسمح لي يا خادم الحرمين الشريفين ، أن أبدأ مقالتي هذه ، بتأكيد اعتزازي كمواطن سعودي ، بشخصكم الكريم ، رمزا للوطن العزيز ، وتعبيرا أسمى ما يكون التعبير ، عن مكوّنات هُويّة الوطن وهُويّتنا ، وملامح الوطن وملامحنا الروحية ، والتاريخية والحضارية ، مُفاخرا بما يحتويه سِجِلُّكم من المآثر ، التي تتسع لدروس يمكن أن يتعلم منها الروّادُ من قادة الشعوب وقادة الرأي ، في مجتمعنا الدولي المعاصر .
فلقد أثبتم ، أعزَّكُم الله ، عبر عقود من القيادة الحكيمة ، أن الحاكم متى كان قريبا من خالقه ، قريبا إلى شعبه ، يكون قادرٌا بإذن الله ، على أن ينجح في إدارة شؤون حكمه ، وسياسة أمور بلاده ، دونَ أن يأخذَه الحكمُ وتكاليفُهُ وأعبائه ، بعيدا عن أولوياته وثقافته واهتماماته ، فهنيئا لوطنكم وشعبكم بكم .
وفي الكتاب الذي تشرفت ان وضعته بين يديكم الكريمتين ، بعضُ “صفحات” من عطائكم الثّري والفيّاض لوطننا الغالي ، وهي “محاولة” بذلتُ فيها ما وسِعَني الجهد والوقت ، مُخلصا في رصد “ملامحَ” من مسيرتكم “النموذَج” في كل عمل ، وفي كل أداء ، حبا في وطنكم ، وصدقا مع شعبكم ، أمينا على مصالحه ، وحريصا على مستقبله ، ومستقبل أجياله المقبلة .
فكان كتابي “محاولة” متواضعة مني ، وقوفا امام صرح من صروح بلادي التاريخيين ، ومن ملوكها الميامين ، من الملك الموءسس الى ابناءه البناءين . وهي تأملات في مواقف ولمحات ، من حياة سلمان بن عبدالعزيز ، رجل الدولة الاستثنائي ، الأصيل في شموخه ونبله .
وكنتم يا خادم الحرمين ، ولا تزالون بعطائكم الواسع “القدوةَ” الصالحة لأبناء وطنكم ، في كل عمل من العمل الخيري والإنساني ، في المملكة وفي محيطها الخليجي والإقليمي والعالمي ، إلى الأداء السياسي الراقي ، في خدمة المجتمع الدولي ، دفاعا عن قيمه الروحية والدينية والإنسانية ، إلى الاقتصاد ، دفاعا عن خيرات الشعوب وثرواتها ، وتسخيرا لها في خدمة الإنسان ، مؤكّدا سلمكم الله في كل أداء ، ما للعمل التطوّعي من قيمة رفيعة تسمو بصاحبه ، وترتقي به إلى أعلى مكان ، مُعَظّما قيمةَ العمل الفردي ، الذي يصبّ في نهر عطاء المجموع .
وإذا كان ثمة إجماع وطني ، حول العلاقة الراسخة بين ازدهار الوطن وتنميته ، والمكانة المتميزة التي يحظى بها المواطن في وطنه ، فإن ما بلغَتْه المملكة ، وما وصلت إليه في مجال تعزيز مكاسب المواطن ومكانته ، كان أحدَ إسهاماتكم البارزة في خدمة وطنكم ، كما كان جزءا من ثمار عملكم ، في استنهاض مجتمعنا ، واستنفار إرادات مكوناته كافة ، أفرادا وجمعيات ومؤسسات ، ترسيخا لمبدأ المشاركة ، وتعميقا لقيمة المسؤولية الاجتماعية ، ما جعل لقيادتكم في هذا الإطار تجربة رائدة وثرية ، كان عنوانها الأبرز ولا يزال ، بناء العلاقة بين الوطن والمواطن ، أيا كان حجمُ مسؤولياته ، وأيا كان موقعه الاجتماعي ، ومن دون تفرقة ، حيث يتجلّى نداؤكم “المواطن دائما أولا” حقيقة لا تخطئها العين ، أينما كانت على أرض المملكة .
ولقد جئتَ على قَدَرٍ ، يا مولاي ، وفي لحظة اختارتك فيها العناية الإلهيّة ، لتجابه امتحانا تاريخيا للوطن ، الذي كان عليه أن يُقَدّمَ الإجابة .
فقد كان السؤال يتعلّقُ بالتحدي ، في مواجهة المتغيّرات الإقليمية السريعة والمتلاحقة ، بينما تضربُ الأمة العربية والإسلامية عواصفُ ضارية ، وتترصّدُ لها ريحٌ عاتية ، فإذا بكم تكتبُ على جدارية التاريخ العربي والإسلامي ، صفحة المجد التي سوف يُسطّرُها التاريخُ بقلم من نور ، وحروف من الفَخار ، في موقف قوة ، لصد غارات الطامعين في الأرض العربية والإنسان العربي .
ولقد وقَفْتُ كثيرا يا خادم الحرمين ، أمام صفحة عطائكم في الرياض ، تلك العاصمة العالمية الكبرى التي تحوّلت على يديكم ، من بيوت بدوية متناثرة في الصحراء ، إلى حاضرة كبرى ومدينة عملاقة ، أصبحت نموذجا فريدا في التخطيط الحضاري والتنمية العمرانية ، نموذجا يضاهي كبريات العواصم العالمية ، تخطيطا ، وتنظيما ، وجمالا ، ولتكونَ نقطة جذب سكاني وعمراني ، وموقعا يكشف بعضَ عبقرية المكان في وطننا الخصب ، الغنيّ أرضا وإنسانا ، حيثُ تفتّحت على يديكم موارد وثروات ، جعلت من “الرياض” واحدة من أشهر عواصم العالم .
ذلك ، يرعاك الله ، بعضُ سِـرِّ علاقتكم الحميمة بالرياض ، الأرض والإنسان ، التي ارتبطتم بها وارتبطت بكم ، حيث أعطيتَها فأعطت الوطن ، وكانت في كل حَجَر ، وفي كل شارع ، بل في كل زاوية ، علامة إنسانية وصرحا هندسيا ، وملمحا حضاريا ، في منظومة تنموية مذهلة ، من نتاج تخطيطكم وثمرة فكركم .
لكل مدينة يا خادم الحرمين طابَع وهُويّة ، ولكل مدينة روح وشخصية ، والرياض “مدينة سلمان” ، أحبَّها وأحبَّته ، وظلّت وستظلُّ ، تعترفُ له بدور المؤسّس ، فلم يكن ثمة ما يدعو إلى الدهشة ، إذ قال عنها “لا أتخيل نفسي بعيدا عن الرياض ، فهي بالنسبة لي الوطن والتاريخ ، والماضي والحاضر والمستقبل ، ويصعُب عليَّ أن أفكر أن أكون بعيدا عنها ، وعندما أكون خارجها ، فأنا أعيش معها ولها” .
إنها علاقة حب ، بين المدن وبُناتها ، لا يعرفُها إلاّ بُناةُ المدن ، ولا يدركُ أسرارَها إلاّ البنّاؤون العظماء.
ودبلوماسيّا ، كنتَ ولا تزالُ “مهندس” الإدارة السعودية لعلاقاتها الدولية ، حريصا دائما على تعزيز العلاقات الدولية للمملكة ، بزياراتكم الخارجية بهدف دعم توجه المملكة الثابت ، في إقامة العلاقات الوثيقة بالعالم . ومنها زياراتكم أيدكم الله للشرق والغرب ، حيث حرَصتم على أن تقيم المملكة علاقات “متوازنة” مع المجتمع الدولي ، مع اهتمام بتوثيق علاقاتها مع شركائها التاريخيين ، والاستراتيجيين ، والتجاريين .
ولا يختلف اثنان يا خادم الحرمين ، على ان القيادة تمثل ضرورة تفرضها حاجة الناس الى من يوحدهم ، لتحقيق اهدافهم في الحياة . والقادة ، كما جاء في دراسة لاحد المنظرين السياسيين ، ينقسمون الى عدة أنواع ، فهناك القاءد الوطني ، والقائد الديني والقائد السياسي ، والقاءد الاجتماعي ، وانتم يا سلمان ، قاءدنا الذي يمثل كل تلك القيادات مجتمعة ، فأنت ولله الحمد والمنة ، قاءدنا السياسي ، والديني والاجتماعي ، وقاءدنا الوطني .
فنحن السعوديون يا مليكنا ، نفهم جيدا الأنماط السابق ذكرها من القيادات ، ونفخر بكون قيادتنا السياسية ، تعمل على تحقيق مصالحنا الحقيقية ووحدتنا الوطنية ، بعيدا عن الفتن والتشرذم وغياب الاستقرار .
ونعلم نحن السعوديون علم اليقين ايضا ، بان مصلحتنا في وحدتنا ، وقوتنا في تنوعنا ، وتآلفنا ، وتعايشنا ، وتحابنا ، وترابطنا .
ونعرف نحن السعوديون حق المعرفة ، كم من شعوب “شقيت” بقياداتها الطائفية والسياسية ، وكم من شعوب مثلنا “سعدت” بقياداتها الوطنية والسياسية والدينية والاجتماعية .
فالقيادة عندك يرعاك الله ، تعني الاستعانة بالله في الدين والدنيا ، والإخلاص للامة والوطن ، والأخذ بالصدق طريقا للحكم ، وبالبساطة طريقا لقلوب المواطنين ، فهنيءا لنا جميعا بك يا سلمان.
أما تواصلكم مع كافة أبناء المجتمع سلمكم الله ، وقوة علاقتكم بمواطنيكم ، من كافة الشرائح والفئات الاجتماعية ، واهتمامكم بالتلامس مع نبض أبناء شعبكم ، وتلمّس همومهم وشجونهم واحتياجاتهم ، فذلك مما يُقَدّره فيكم كل من عرفكم ، وهو مما يكتشفه ، أيُّ قارئ لتاريخكم ، وسيرتكم العطِرة .
فسر يا سلمان على بركة الله ، فأنت الاستثنائي في حكمك ، وحكمتك ، ومنهجك ، وصواب تفكيرك ، وسيرتك ونجاحاتك .
ولكل ما جاء اعلاه ، وأكثر ، كتبت عن سلمان
- . نسأل الله ان يبارك لنا فيه وولي عهده الامين
- . وان يعينهما ويسدد خطاهما
- . وان يرزقهما البطانة الصالحة
- . ويمدهما بنصر من عنده ، انه سميع مجيب
- . واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
The Online Publishers ‘TOP’ platform boasts a worldwide network of content and ad placement partnerships to ensure effective international campaigns for businesses around the globe