كتب الصحفي جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”، مقالاً تحت عنوان: “نصرالله “إن حكى”: إنتهــى دوركم وجاء دوري”، جاء فيه: “أيّاً كان الموقف الذي سيعلنه الرئيس سعد الحريري اليوم، فإنّ الوسط السياسي ما زال يبحث في الظروف التي قادت الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الى رفع سقف خطابه عالياً في الشأن الداخلي بعدما كان يستخدمه في القضايا الإقليمية. فهي المرة الأولى التي يتوجّه فيها نصرالله الى من سَمّاهم الرؤساء، البطاركة، المفتين، المطارنة والمشايخ بهذا المنطق. فما الدافع الى هذا الخطاب الناري؟ وكيف تم تفسيره؟
ولفت إلى أن “المقاربات لتفسير موقف نصرالله لا تختلف كثيراً، فهو استفاد من أخطاء ارتكبت على مدى الأشهر الستة الماضية قبل ان يضرب ضربته في اللحظة التي اعتقد فيها البعض انّ مهمة التأليف شارفت على نهايتها، فكانت الصدمة التي أنتجَت تحميله مسؤولية آخر العقد التي برزت”.
ويعترف اكثر من صديق للحزب انّ نصرالله أسبَغ “الشرعية النيابية” على تكتل نيابي سنّي جديد، لم يكن قادراً على العيش لولا هذه التزكية. فمعظم نوابه أعضاء في كتل نيابية تمثّلت في الحكومة، وليس في المجلس النيابي كتلة من هذا النوع.
وقد عبرت الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الحريري، وجاءت بعدها استشارات الرئيس المكلّف، من دون أن تشهد موعداً لمثل هذه المجموعة.
ويضيف أصدقاء “الحزب” انّ رئيس مجلس النواب، عندما قاربَ اللحظات الأخيرة من عملية التأليف، أبلغَ الى القريبين منه والى الحريري انّ تعويض ما فاتَ من تأخير في عملية التأليف سيكون في مرحلة تظهير البيان الوزاري، فأوحى بجهوزية نسخة منه ترضي الجميع.
ففي ظل هذه المعطيات، لم يصدق كثيرون انّ هناك عقدة من هذا النوع، ولو كان هناك شك عند البعض لاعتبرَ وجودها، كما وصفه رئيس الجمهورية في اللقاء المُتلفَز عشيّة الذكرى الثانية لانتخابه، من باب “التَكتَكة السياسية” ولا بد من وجود حلّ لها، واضعاً نفسه في موقع المتضامن مع الحريري.
وفي المقلب الآخر المُستجد من العقدة السنية بات الحديث عن محور جديد وارداً، فما قبل خطاب السبت شيء وما بعده شيء آخر. وعلى من يريد فهم هذه المرحلة الجديدة أن يبدأ بتَلمّس الفوارق الكبيرة بينهما. فقد تقلّبت مواقف كثيرة، وراح رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً في تضامنه المُستجدّ مع نصرالله، وبات التيار الوطني الحر يحتسب مواقفه مجدداً من كل ما سَبقَ خطاب السبت.
وعليه، يعترف قريبون من حزب الله أنّ السيد نصرالله كان يرصد المرحلة السابقة التي تَلت عملية التكليف ساخراً ممّا كان يسجّل من مواقف. فكان يراقب مَن سعى، على وَقع تصنيف الحقائب بين سيادية وخدماتية وعادية وثانوية، الى الثلث المعطّل ومن يريد كسب حقيبة من هنا أو هنالك، كما ذلك الساعي الى احتكار تمثيل لوحده طائفته الصغيرة وبنيت على أساسها معادلات غريبة ـ عجيبة رباعية وخماسية وغيرها. فاستفاد من أخطاء وجرائم ارتكبت في حق القانون والدستور والحكومة العتيدة، وجاء يوم الحساب لديه.
وعليه، يمكن فهم الرسالة التي وَجّهها نصرالله للمرة الأولى الى الرؤساء والبطاركة والمفتين والمطارنة والمشايخ ليقول لهم ما معناه: “إنتهى دوركم وجاء دوري، فأعطوني من مهل بمقدار ما استهلكتم منها، وإلّا فاختصروا المعاناة المقبلة وطَبّقوا ما قلتُ به… فتؤلّف الحكومة بعد ظهر اليوم”.